Wednesday, October 26, 2016

مذكرة حول الادب العربي في العصر العباسي منها: النقائض / الفرزدق/ أبو نواس / بشار بن برد / المتنبي / أبو تمام / البحتري / ابن الرومي / أبو دلامة / البوصيري وبردته



ما هي النقائض ؟
النقائض هو أحد فنون الأدب التي بدأت بواكيرها منذ العصر الجاهلي وتطورت وأصبحت فنا أدبيا قائما بذاته في العصر الأموي على أيد ثلاثة شعراء أمويين هم الفرزدق وجرير والأخطل , ولكن نقائض فرزدق وجرير هي الأكثر شهرة وعمقا في هذا المجال من الأدب في تاريخ الأدب العربي على مر العصور.
النقائض هي لون جديد من ألوان الأدب والمناظرات الأدبية ويرجع له الفضل الكبير في تسجيل أنساب العرب وحكاياتهم وصفاتهم وطريقة حياتهم وشكل أخلاقهم وعاداتهم في ذلك العصر – العصر الأموي - ،وقد أضاف هذا اللون من الأدب ثروة هائلة من الألفاظ إلى اللغة العربية .
والنقائض اصطلاحا فهو أن يهجو الشاعر شاعرا آخرا أو أن يفتخر بنفسه أو بقومه أمامه بقصيدة على بحر معين وقافية محددة وروي ما فيرد عليه الشاعر الآخر على نفس البحر والقافية والروي بقصيدة من نفس الموضوع ولكن يضمنها هجاءا معاكسا وفخرا يلغي فيه فخر الشاعر الأول بنفسه وينفيه .
وجملة القول إذن فان شعر النقائض هو ما تمثله قصائد الهجاء المتبادلة بين الشاعرين الأمويين جرير والفرزدق ، حيث يمدح الأول ويفتخر في نفسه ويهجو ويذم الآخر بقصيدة ما , ليرد الآخر عليه بقصيدة مقابلة من نفس البحر والقافية والروي والموضوع يفتخر هو الآخر فيها بنفسه ويهجو ويذم الآخر فيها أيضا.
الفرزدق:
الفرزدق هو شاعر أمويّ معروف، اسمه الكامل همام بن غالب بن صعصعة الدارميّ التميميّ، ويكنّى بأبي فراس. ولد الفرزدق في العام الثامن والثلاثين للهجرة وما يوافق العام 658 ميلادي في البصرة، وقد توفي في العام العاشر بعد المئة للهجرة في البصرة أيضاً، وقد عاش غنياً ونبيلاً بين أفراد قومه وسادته، وسميّ الفرزدق بهذا اللقب وعرف به وذلك لضخامة وجهه وشدّة تجهمه، ومعنى الفرزدق الرغيف. وقد اشتهر الفرزدق بشعره في المدح، والفخر، والهجاء. وقد كان هو وجرير أصدقاء إلا عندما يقولون الشعر فيهجوان بعضهما هجاء شديداً. ويقول بعض الباحثين "لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث العربيّة"، وذلك لقدرته وخبرته الكبيرة في إحياء اللغة العربية.
أبو نواس
هو شاعر عبّاسي ، عُرف بلهوه ومجونه وحبّه للخمر والخمّارات، وشعره زاخرٌ بالكثير من جوانب حياته.اسمه الحسن بن هانئ الحكمي، ولد عام 763م بالأهواز من بلاد خوزستان، وعاش بالبصرة، كان والده من جند مروان بن محمد الأموي، ومن هناك انتقل إلى العراق بعد زوال ملك مروان، ثم لجأ إلى قرية من قرى الأهواز، وهي التي فيها وُلِدَ فيها.
بعد أن اكتفى أبو نواس من الكوفة رحل إلى البصرة ليتعرّف على خلف الأحمر الذي طلب منه أن يحفظ العدد الكثير من القصائد . فارتحل إلى بغداد فاتصل بالخليفة هارون الرشيد فمدحه. ثم انتقل بمدحه إلى البرامكة، الأمر الذي أغضب هارون الرشيد، فخاف أو نواس على نفسه وهرب إلى مصر ليمدح واليها الخصيب بن عبد الحميد العجمي.عاد أبو نواس بعد ذلك إلى بغداد بعد وفاة هارون الرشيد، فتولّى الأمين الخلافة، وكان بدوره صديقاً قديماً لأبي نواس، فاتّصل به أبو نواس فور عودته إلى بغداد، ومدحه، إلا أنّ خصوم الأمين كانوا يأخذون عليه مرافقة شاعرٍ سيّء نديماً له، ويُشهّرون بهذا الأمر على المنابر، فأُجبر الأمين إلى حبس أبي نواس. حاول وزير الأمين أن يشفع له ليخرج من السجن إلا أن ذلك حصل بعد محاولات عديدة وطويلة، وعندما توفّي الأمين رثاه الشاعر بقصائد بيّنت صدق عاطفته وقوّتها.
عُرفت حياة أبو نواس باللهو والمجون، هذا الأمر ظهر جليّاً في شعره الذي خصص فيه جزءاً كبيراً منه في وصف الخمر، إلى جانب غزله الدائم بجارية كانت تسمى (جنان) كان قد هام بها ونظم عنها الكثير من الأشعار، إلّا ان أكثر ما قاله المؤرخون فيه أنّه تاب في آخر سنواته يقول:
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة   =  فلقد علمت بأن عفوك أعظـمُ
إن كان لا يدعوك إلا محسـن      = فمن الذي يرجو ويدعو المجرم
أدعوك رب كما أمرتَ تضرّعاً  = فإذا رددتَ يدي فمن ذا يرحـم
ما لي إليك وسيلة إلا الـرّجـا  = وجميل عفوك ثمّ أني مُسـلـم.
أسلوبه الشعريّ
تناول أبو نواس في شعره معظم الأغراض الشعرية، من مديح، وهجاء، ورثاء، وعتاب، وغزل، إلا أنّه تميّز بوصفه للخمر حتّى لُقّب بشاعر الخمر. أما شعره فقد تميّز بسهولة الألفاظ، ولين العبارات، وخفّة التركيب، وسلاسة المعاني، بعيداً عن الغريب والحشو والفظّ والجاف، كما أن له الفضل في إضافة صور وكلمات جديدة على الشعر العربي عامّة، وتصوير الخمر خاصّة.
بشار بن برد
هو بشار بن برد بن يرجوخ، والملقب "أبو معاذ "، وُلدَ في البصرةِ ضريراً أواخر القرن الهجري الأول، لأبٍ وأمٍ مملوكين لبني عقيلٍ أهل الفصاحة والبلاغة، وعاصرَ الدولة الأموية والعباسية، وتوفي في القرن الهجري الثاني، حين بلغ التسعين من عمره عام 167 هــ. وكان يلقب بِالمُرَعَّثِ ، لأن في أذنه قرط.
أُخْتُلِفَ في عقيدته، فَمنهم من اتهمه بالزندقةِ. لَعِبَتْ حياةُ الشاعرِ دوراً هاماً في توجهاته الشعرية، حيث ظهر الهِجَاءُ جلياً في شعره. برعَ الشاعرُ بالتصوير الفني، لِيِعُوِضَ النقصَ الذي عاناه جراء فُقدان بصره , فله أبيات شعرية بالوصف، يعجز عنها المبصرون , حيث برع بأبيات الغزل الشعري ، والوصف الدقيق للحوادث بتفاصيلها المرئية، فقد كانت بصيرته وخبرته أقوى من بصره .
كشف ابن المعتز في كتابه طبقات الشعراء عن سبب مقتل ابن برد، حيث إنه هجا الخليفة المهدي ووزيره يعقوب بن داوود بعد ان امتنعا عن إعطائه الهدايا، فوصل الخبر إلى الخليفة فأمر بالقبض عليه وأمر بضربه سبعين جلدة بالسوط حتى الموت، وبعد أن فارق الحياة أُلقي به على لوح خشبي وألقي بالماء وحملته المياه إلى أهله في البصرة ودفنوه هناك.
المتنبي
هو أبو الطيّب المتنبي (303هـ - 354هـ) (915م - 965م) هو أحمدُ بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي المولد. نسب إلى قبيلة كندة نتيجة لولادته بحي تلك القبيلة في الكوفة لانتمائه لهم. عاش أفضل ايام حياته واكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب وكان من أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً من اللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، وله مكانة سامية لم تتح مثلها لغيره من شعراء العربية. فيوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، وظل شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء. وهو شاعر حكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. وتدور معظم قصائده حول مدح الملوك، ويقولون عنه بانه شاعر اناني ويظهر ذلك في اشعاره، ولقد قال الشعر صبياً، فنظم أول اشعاره وعمره 9 سنوات، وأشتهر بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية مبكراً. 
أَبو تَمّام (188 - 231 هـ / 788-845 م)
اسمه حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، أحد أمراء البيان، ولد بمدينة جاسم (من قرى حوران بسورية) ورحل إلى مصر واستقدمه المعتصم إلى بغداد فأجازه وقدمه على شعراء وقته فأقام في العراق ثم ولي بريد الموصل فلم يتم سنتين حتى توفي بها. ولد في بجاسم (من قرى حوران بسورية) أيام الرشيد، وكان أولا حدثا يسقي الماء بمصر، ثم جالس الأدباء، وأخذ عنهم وكان يتوقد ذكاء. وسحت قريحته بالنظم البديع. فسمع به المعتصم، فطلبه، وقدمه على الشعراء، وله فيه قصائد. وكان يوصف بطيب الأخلاق والظرف والسماحة. وقيل : قدم في زي الأعراب، فجلس إلى حلقة من الشعراء، وطلب منهم أن يسمعوا من نظمه، فشاع وذاع وخضعوا له. وصار من أمره ما صار.
عندما ترعرع أبو تمام سافر إلى مصر فكان يسقي الماء ارتحل في سبيل المعرفة من الشام إلى مصر وتردد على مسجد الفسطاط حيث حلقات العلم مكتظة بالدارسين يستمعون إلى الشيوخ الذين يلقون الدروس في اللغة والنحو والفقه والأدب وعلوم الدين بجامع عمرو ويستقي من أدب العلماء والشعراء. حفظ الشعر منذ طفولته وصار يقلد الشعراء حتى أبدع في هذا المجال وتفرد فيه بعبقرية نادرة فأصبح شاعراً مطبوعا لطيف الفطنة دقيق المعنى له استخراجات عجائبية ومعان غريبة.
من أعماله : فحول الشعراء، و ديوان الحماسة، ومختار أشعار القبائل، ونقائض جرير والأخطل و ديوان شعره.
ويعد أبو تمام من أوائل الشعراء الذين ساروا في ركاب التجديد في العصر العباسي، ذلك أنه، أخذ بمعطيات الحضارة القديمة، مع المحافظة على الأطر الجديدة للشعر، فقام مذهبه بالتالي على الجمع بين عناصر عدة هي العقل والوجدان والزخرفة، مع الآخذ بعين الاعتبار خصائص العربية ومحتوايتها.

البحتري (820 م - 897 م):
هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. ولد البحتري ب منبج من أعمال حلب في سوريا سنة (821م\205 هـ)، ونشأ في قومه الطائيين فتغلبت عليه فصاحتهم، تتلمذ لأبي تمام وأخذ عنه طريقته في المديح ثم أقام في حلب وتعلم هناك ملكة البلاغة والشعر وأحب هناك (علوة) المغنية الحلبية التي ذكرها كثيرا في قصائده. ثم تنقل بين البلاد السورية وغيرها، وهو ميدان للقلق والاضطراب، والخلافة ضعيفة لاستيلاء الأتراك على زمام الأمور. فتردد الشاعر في بغداد على دور عليتها. واتصل بالمتوكل فحظي لديه وأصبح عنده شاعر القصر ينشد الأشعار فتغدق عليه الأموال الوافرة.
ولما قتل المتوكل ووزيره الفتح بن خاقان لبث الشاعر يتقلب مع كل ذي سلطان مستجدياً، حتى عاد سريعا إلى منبج يقضي فيها أيامه الأخيرة فأدركته المنية سنة (897م/284هـ) ودفن في مدينة الباب. ومن غزله قوله في حبيبته:            
سَلامُ اللهِ كُلَّ صَبَاحِ يَوْمٍ ...... عليكَ، وَ مَنْ يُبَلِّغ لي سَلامي؟
لقد غادَرْتَ فِي جسدي سَقَاماً ...... بِمَا في مُقْلَتَيْكَ مِن السَّقام

ابن الرومي 221 - 283هـ
هو علي بن العباس بن جريج أو جورجيس، الرومي. هو ىشاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي، رومي الأصل، كان جده من موالي بني العباس . وكانت أُمّه من أصل فارسي، وهي امرأة تقية صالحة رحيمة، كما هو واضح من رثائه لها. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها.
وكان ابن الرومي شاعر كبير من العصر العباسي، من طبقة بشار والمتنبي، شهدت حياته الكثير من المآسي والتي تركت آثارها على قصائده، تنوعت أشعاره بين المدح والهجاء والفخر والرثاء، وكان من الشعراء المتميزين في عصره، وله ديوان شعر مطبوع.
توفي ابن الرومي مسموماً ودفن ببغداد عام 283هـ - 896م، قال العقاد "أن الوزير أبا الحسين القاسم بن عبيد الله بن سلمان بن وهب، وزير الإمام المعتضد، كان يخاف من هجوه وفلتات لسانه بالفحش، فدس عليه ابن فراش، فأطعمه حلوى مسمومة، وهو في مجلسه، فلما أكلها أحس بالسم، فقال له الوزير: إلي أين تذهب؟ فقال: إلي الموضع الذي بعثتني إليه، فقال له: سلم على والدي، فقال له: ما طريقي إلي النار.

أبو دُلامة
اسمه زند بن الجون هو شاعر فكاهي من أهل الظرف والدعابة عاش في العصر العباسي ، اسمه زند أو زيد بن جون ، و كان غلاماً حبشياً أسوداً ، وكان أبوه عبداً لرجل من بني أسد وأعتقة. و هو أحد الشعراء المعاصرين لخلفاء بني العباس الثلاث الأوائل و هم السفاح و المنصور و المهدي ،ويعتبر شاعرهم و نديمهم الخاص لقوله الكثير في مدحهم ، إلا أنه لم يكن من الملتزمين دينياً وكان يتهمم بالزندقة. توفي 161 هـ.

محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري (608 هـ - 696 هـ / 7 مارس 1213 - 1295)
هو شاعر صنهاجي اشتهر بمدائحه النبوية. أشهر أعماله البردية المسماة "الكواكب الدرية في مدح خير البرية". ولد البوصيري في بلدة بوصير من أعمال بني سويف بمصر ، في (أول شوال 608هـ = 7 من مارس 1213م) لأسرة ترجع جذورها إلى قبيلة صنهاجة إحدى أكبر القبائل الأمازيغية، المنتشرة في شمال أفريقيا، كما أنه أصوله تعود لمنطقة دولة الحماديين أحد فروع قبيلة صنهاجة ثم انتقل مع أبيه إلى مصر القاهرة حيث واصل تلقى علوم العربية والأدب.
تلقى البوصيري العلم منذ نعومة أظفاره؛ فحفظ القرآن في طفولته، وتتلمذ على عدد من أعلام عصره، كما تتلمذ عليه عدد كبير من العلماء المعروفين، منهم: أثير الدين محمد بن يوسف المعروف بأبو حيان الغرناطي ، أبو العباس المرسي ، وفتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد العمري الأندلسي الإشبيلي، المعروف بابن سيد الناس. وغيرهما.
عُني البوصيري بقراءة السيرة النبوية، ومعرفة دقائق أخبار رسول الإسلام وجامع سيرته، وأفرغ طاقته وأوقف شعره وفنه على مدح الرسول، وكان من ثمار مدائحه النبوية
بردة البوصيري
تُعد قصيدته الشهيرة "الكواكب الدرية في مدح خير البرية"، والمعروفة باسم "البردة" أهم أعماله. شرحها الشيخ الأمهري في كتابه "مختصر الكواكب الدرية في مدح خير البرية". وهي قصيدة طويلة تقع في 160 بيتا. يقول فيها:
أَمِـنْ تذكّر جيـرانٍ بذي سلم                مزجتَ دمـعًا جرى من مقلـة بدم
أم هبت الريحُ من تلقاء كاظمةٍ             وأومـضَ البرقُ في الظلماء من إِضَـم
ترك البوصيري عددًا كبيرًا من القصائد والأشعار ضمّها ديوانه الشعري الذي حققه "محمد سيد كيلاني"، وطُبع بالقاهرة سنة (1374 هـ= 1955 م)، وقصيدته الشهيرة البردة "الكواكب الدرية في مدح خير البرية"، والقصيدة "المضرية في مدح خير البرية"، وقصيدة "ذخر المعاد"، ولامية في الرد على اليهود والنصارى بعنوان: "المخرج والمردود على النصارى واليهود"، وقد نشرها الشيخ "أحمد فهمي محمد" بالقاهرة سنة (1372 هـ= 1953 م)، وله أيضا "تهذيب الألفاظ العامية"، وقد طبع كذلك بالقاهرة.
تُوفِّي البوصيري بالإسكندرية سنة 695 هـ / 1295م عن عمر بلغ 87 عامًا.




No comments:

Post a Comment